الخميس، ١ ربيع الأول ١٤٣٠ هـ

رئيس إسرائيل..أسمه إيه يا بابا؟؟؟





حينما سأل طفلي أباه

(رئيس إسرئيل...إسمه إيه يا بابا؟؟؟؟)

إنطلق السؤال من فم الطفل الصغير في لحظة إسترعت إنتباه الأب نطقها طفله الذي لم يتعدي أعوامه الثمانية من طفولة خاليه..حين كان التلفاز يعرض جثث الأشلاء المتناثرة علي الأراضي المحتلة في غزة..نظر الأب في عيني إبنه المغرقتين في سحب الأحداث و في وجهه المتجمد أمام الصورة المتوحشه في صدمة طفليه لم يدرك الأب ماذا وراءها حين سأله الطفل الصغير هذا السؤال و هو مثبت نظرته الجامدة نحو شاشه التلفاز(رئيس إسرائيل..أسمه إيه يا بابا؟ ) و في دهشة مستريبه و تساؤل خفي عن مغزي ما دار في ذهن الطفل الصغير حين وجه هذا السؤال بادر الأب مجيبا (أولمارت) و لم تستطع ذاكرة الطفل البريء أن تلتقط هذا الإسم للوهلة الأولي..إلا أنه إنسحب من بين أفراد أسرته في هدوء وصمت و بدأ في رسم خطوطا كثيرة علي كراسه المدرسي وسط دهشة و فضول كل من حوله من أفراد الأسره.. وبعد فترة من الزمن عرض الطفل علي أبيه صوره أفرزها فؤاده الجريح ..و عقله المصدوم من بشاعة الأحداث المروعة عن أحد الأشخاص ـ والذي يرمز به إلي رئيس الوزراء الإسرائيلي(أولمـــــــــارت) و أمامه مائدة حافلة تزخر بأطباق تحوي أطفالا صغارا و أكوابا متناثرة من العصير بينما تعرض قائمة الطعـــام محتويات الطاولة المديدة من (أطفال مشوي / أطفال مئلي ـ يقصد مقلي ـ/ بيتزا أطفال / شاورما أطفال / أوصـــال أطفال / صحن أطفال / شاندوتش أطفال ـ يقصد ساندويتش ـ /عصير أطفـــــال ) و قد كتب تحت الصورة (مطعـــــم أولمــــــــارد ـ يقصد أولمارت ) والذي لم ينتظر ليتحقق من إسمه الصحيح حين دفعته حميتة البريئة و فطرته الخالصه إلي التعبير عما قد يجيش في نفس طفل من تجسيد لبشاعة الجريمة و دناءتها و من إستهجان لإنعدام الإنسانية و الآدمية...فأي قسوة جبارة تدفع طفل في أوائل سنوات الحلم و تعتصر قلبة الأخضر الغض البريء إلي هذا الألم العميق حتي يصدع قلمه في وجه الأوراق صارخا في وجه الظلم و الوحشية و الجبروت...؟ حتي الأطفال يدمون دما ؟؟!!..حتي عقولهم البريئة تسحقها أيدي ألإحتلال..إن ما خطه الطفل الصغير أبدع من كل ما قيل و قد يقال عن هذا الجرم البشع..فلقد لمست اليوم جراح أطفال غزة رأيتها تدمي في قلب صغيري..وجدتني أحتضنه في إشفاق و أبكي في حرقة مريرة...لا أستطيع أن أحتمل هذا العذاب الذي إندفع بين أوصاله حتي مزق صرختة المدوية...الصامتة..و أنتزعه من طفولته و ألعابه و أرجوحته و أصدقاء صفه الصغار..أي قسوة قد يرسمها اليهود في ذاكرتنا!!؟؟..هل سيخلفون لنا عقولا مشوهة مطبوعة بذاكرة القهر والألم ؟؟..إنني سوف أعلم صغيري كيف يرسم ســــــــيفا و بندقية...لن أتركه يطحن تحت رحي القهر و الإستبداد...و سألقنه كيف أن ( البطل) لا ينكسر أمام هزيمة واحدة أو حتي هزائم عديدة..و أنه لابد من النور القادم..الذي سوف يسحق الظلم..سأعلمه سيرة صلاح الدين و سيف الدين قطز و بطولات محمد الفاتح..و سأخلق في قلبه هذا المارد الجبار الذي لن تطويه أيدي القذرة....

في حلقة وثائقية عن أثر الحروب و المجازر و المحارق علي الأجيال جاء أنه أحدثت هذة الوحشية طفرات جينية ثابتة في أجساد من عاصروها و توارثها أطفالهم جيلا بعد جيل حتي أصبحت الأجيال التالية للحروب و التي لم تعاصر هي نفسها ويلات هذة الحروب تحمل جين (القهر و الرعب و الإنهيار و الفزع )و كان هذا الكشف من أخطر ما سمعته عن آثار الحروب و ويلاتها..فإلي متي سنسمح للظلم بالزحف علي خريطتنا الجينية و إلي متي تمتد هذة الأيدي القذرة لتطفيء حاضرنا و مستقبلنا ..؟؟ إن ما يدور بخلد طفلي هو و لا شك ما قد دار في خلد جميع الأطفال الذين شاهدوا هذة المجزرة..فهل من إلتفاتة إلي هذا الخطر المرعب و هذا القتل المستقبلي المستتر الذي يزحف تحت جلود أطفالنا فيحولهم كما حول الكثيرين إلي أشلاء مدمرة مقهورة مسكونة بالفزع..؟؟ لابد من الإستدارة إلي هذا الصف الخلفي القصير الذي لا ندرك ما يعتريه من صراعات حينما يشاهد أحداث الحروب و القتل و التدمير..فليأخذ كل منا طفله بين ذراعيه..ويثبت عينيه في عيني المستقبل و يدفع فيه القوة و الثبات و يبث بين جوانحه الإيمان و العزيمة و الثقة قبل أن تدهس مرارة الحاضر...حصـــــــــــــــــــاد المستقبل..




(د/ســـلوى أبو عرب ــــ الدمام)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق